
إحسان الموسوي
في سياق التحولات السياسية والاجتماعية التي يشهدها العراق يبرز وعي شعبي متقدم يعيد رسم معادلة الحكم ويضع حدودا صارمة امام من يحاول استغلال السلطة لتحقيق مصالح ضيقة بعيدا عن هموم الناس وتطلعاتهم
الشعب العراقي لم يكتف برفض المشاريع الخارجية بل ذهب ابعد من ذلك حين عاقب في الانتخابات نوابا ومسؤولين فاسدين وفاشلين ومتكبرين ممن اعتقدوا ان مواقعهم محصنة وان العشائر ستمنحهم الغطاء الابدي دون مساءلة او محاسبة
كبار شيوخ العشائر الذين انحازوا لمصالحهم الشخصية وتخلوا عن ابناء عشائرهم وجدوا ان الحاضنة الاجتماعية لم تعد تقبل الخداع وان زمن التقديس الاعمى قد انتهى فالعشائر اليوم اكثر وعيا واكثر قدرة على التمييز بين من يخدمها ومن يتاجر باسمها بل ان ابناء العشائر انفسهم عاقبوا شيوخهم المرشحين ولم يمنحوهم اصواتهم في الانتخابات في موقف تاريخي يعكس حجم التحول في الوعي الجمعي
وقد منح العراقيون ثقتهم لفصائل المقاومة التي تمثل خيار السيادة والاستقلال وعاقبوا في المقابل اصحاب الارتباطات التركية والقطرية والسعودية والميالين للتطبيع واصحاب المزاج الغربي الذين سعوا لتسويق مشاريع لا تنسجم مع هوية العراق وموقعه في محور المقاومة
هذه العقوبة الشعبية لم تكن رد فعل عابر بل كانت نتيجة تراكمات من الفشل والفساد والتكبر الذي مارسه بعض المسؤولين الذين ظنوا ان الشعب لا يملك الادوات اللازمة للمحاسبة لكن الانتخابات اثبتت ان الشعب هو صاحب القرار وان ارادته لا يمكن تجاوزها
المرحلة المقبلة تتطلب من القوى الوطنية ان تستثمر هذا الوعي الشعبي وان تبني عليه مشروعا سياسيا يعيد الاعتبار للمواطن ويضع حدا لمنظومة الفساد والتكبر التي حاولت اختطاف الدولة وتجييرها لصالح اجندات خارجية او مصالح عشائرية ضيقة
ومن فلت من عقوبة الشعب لن يفلت من عقوبة زعيم دولة القانون فالمرحلة القادمة ستشهد اعادة ضبط المعادلة السياسية وفق ميزان العدالة والمحاسبة والايام القادمة ستثبت ذلك بوضوح .