
نعمت عباس
يظل مركز حراسة المرمى واحداً من أكثر المراكز ندرة في كرة القدم الحديثة، إذ يتطلب مواصفات فنية وبدنية ونفسية وتكتيكية عالية، خصوصاً مع تطور دور حارس المرمى ليصبح “الليبرو” الأول في بناء الهجمات وصناعة الإيقاع من الخلف. وفي المواجهة المثيرة بين العراق والإمارات في أبوظبي، برز هذا الدور بوضوح بعدما تألق الحارس الإماراتي خالد عيسى ونال لقب رجل المباراة، فيما قدم حارس المنتخب العراقي جلال حسن أداءً رفيع المستوى نال إعجاب 45 مليون عراقي، وحصد إشادات واسعة من النقاد والمختصين.
من بين الأسماء التي كان لها بصمة عميقة في تطوير قدرات الحارس خالد عيسى، يبرز الكابتن بشار عبد الجليل، المدرب السابق لنادي العين الإماراتي، وحارس المنتخب الأولمبي العراقي، والذي استُدعي لمنتخب العراق الأول عام 2000، كما ارتدى قمصان أبرز الأندية العراقية: الجوية، الزوراء، والجيش. بين موسمي 2012 و2015، أشرف عبد الجليل على تدريب خالد عيسى، فشهد معه تألقاً لافتاً في البطولات المحلية والآسيوية، مقدماً مستويات باهرة رسّخت مكانته كأحد أفضل حراس القارة.
الكفاءات العراقية – كما يصفها الكثيرون – تعمل بصمت خارج الحدود، وتحقق إنجازات كبيرة دون أن تُستثمر بالشكل المطلوب داخل العراق. اتحاد الكرة العراقي لم يوظف القدرات الوطنية، سواء في الداخل أو الخارج، لتشكيل لجان متخصصة بعالم حراسة المرمى، القادرة على خلق جيل جديد من الحراس وفق منهجيات علمية حديثة. ورغم خسارتنا لخبرات كبيرة مثل: قاسم أبو حديد، كاظم شبيب، جلال عبد الرحمن، وسهيل صابر، فإن كثيراً من هذه الأسماء اعتزلت دون أن تُستثمر خبراتها الذهبية.
اليوم، ما يزال المشهد يحتاج إلى الالتفات إلى ما تبقى من أعمدة الحراسة العراقية، ومن بينهم الكابتن صادق جبر الذي يواصل تحقيق النجاحات مع نادي الأهلي الإماراتي، وكذلك الكابتن بشار عبد الجليل، نجل الإعلامي الراحل عبد الجليل موسى، والذي ترك بصمة واضحة في نادي العين بالإشراف على تطوير منظومة الحراسة لمدة ثلاث سنوات، مجسداً العمل الاحترافي الذي يُترجم بالكفاءة والنتائج.
لقد رسم عبد الجليل لوحة فنية بديعة لحراس مرمى نادي العين، وكان أبرزهم الحارس الدولي الإماراتي خالد عيسى، الذي قدم مستويات مذهلة في مواجهة العراق، وتصدى لفرص محققة من مهند علي ونجوم أسود الرافدين.
ختاماً، تبقى الدعوة مفتوحة أمام اتحاد الكرة العراقي للاستعانة بأصحاب الرأي والخبرة، لإعادة إحياء مدرسة عراقية رائدة في صناعة حراس المرمى، وإعادة بناء هذا المركز المهم وفق أسس علمية تليق بتاريخ العراق الكروي وثقله في المنطقة