كربلاء... الاسم الذي يهزّ القلوب قبل العقول

حسن درباش العامري

عجيب أمر بعض مشجعي المنتخب السعودي بعد مباراة التعادل مع العراق، وكيف تحوّل حدث رياضي عابر إلى مرآة تكشف ما يختبئ في النفوس من خوفٍ ورعب دفينٍ من اسم الإمام الحسين عليه السلام، وكأنّ ذكر كربلاء يستفزّ تاريخًا لم يتصالح بعد مع الحقيقة، أو ضميرًا لم يغتسل من إرث الكراهية والإنكار.

ما تجرئ على قوه بعضهم وهو يرتجف وتبدو عليه ملامح الخوف والحقد وما كتبة البعض الاخر على مواقع التواصل لم يكن مجرد انفعال جماهيري، بل تجلٍّ لمرضٍ متوارثٍ من الغلّ والرهبة تجاه آل بيت النبوة، أولئك الذين أكرمهم الله بالاصطفاء والتطهير. وكأنّ هذا الشعور ينتقل عبر الأجيال كما تنتقل الجينات الوراثيه لتاخذهم العزة بالاثم والحرم عند التجرئ لارتكاب اكبر جرائم التأريخ وهي جريمة معركة الطف في كربلاء ، يحمل في طياته خوفًا لا تفسير له إلا البعد عن النور الحسيني الذي يُشرق على من والاه، ويُظلم على من عاداه.

إنّ العجيب حقًا أن ترى على وجوه بعضهم ملامح الهلع عند سماع كلمة كربلاء، المدينة التي تُختصر فيها معاني الفداء والصبر والثورة على الظلم. فهل يدرك هؤلاء أن من يدخل أبواب كربلاء مخلصًا، يشعر بخشوعٍ يملأ كيانه، وبرهبةٍ لا يعرف لها وصفًا، كأنّ المكان يقرأ سرائر الداخلين؟!

وما بال من يأتيها وهو يحمل الضغينة؟ إنّ روح المدينة تميّز بين من جاءها حبيبًا ومن جاءها عدوًّا، فتغلق في وجهه أبواب الطمأنينة قبل أن تطأ قدماه أرضها.

العجب من قومٍ يدّعون الإسلام وهم يجهلون نبيّهم وأهل بيته، الذين قال عنهم الرسول الأعظم ﷺ:

> "الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا، وهما سيّدا شباب أهل الجنة".

وقال في الزهراء البتول عليها السلام:

"فاطمة بضعة مني، من آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله".

فأيّ إسلامٍ هذا الذي يجعل حبّ الحسين وموالاته تهمة؟ وأيّ قلبٍ ذاك الذي يضيق بأسماءٍ باركها الله في كتابه فقال:

> "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا"؟ من يدخل حرم الحسين عليه السلام واهية العباس عليه السلام يشعر أنه يعبر من الدنيا إلى السماء، تغمره سكينة لا تُوصف، ويستشعر معنى الإيمان في أصفى حالاته. هناك، حيث تُروى الأرض بالدم الطاهر وتتعطر الأجواء بالخشوع، يتمنى الزائر أن يُكتب من أنصار الحسين، ومن السائرين على درب التضحية والحق.

وما أعظم الخسارة لمن حارب الحسين في كل زمان، ظنًا منه أنه يواجه بشرًا، وهو في الحقيقة يواجه رمز النبوة والعدل الإلهي.

خاب من أبغضه، وضلّ من جفاه، وسعد من تعلّق بحبّه؛ لأنه حبل الله المتين، وعروته الوثقى التي لا انفصام لها.

إرسال تعليق

أحدث أقدم