شرق جديد بقبضة القطب الصاعد

إحسان الموسوي

تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات جذرية تعيد تشكيل موازين القوى وتعيد رسم خرائط النفوذ بعيدا عن الهيمنة الغربية التي سادت لعقود طويلة فالصين وروسيا وإيران باتوا اليوم يشكلون مثلثا استراتيجيا يتجه لصياغة واقع جديد في الإقليم

غياب أمريكا عن المشهد لم يعد مجرد انطباع بل أصبح واقعا ملموسا فالدين العام الأمريكي تجاوز 35 ترليون وعدد المسرحين من العمل يوميا بلغ 75,000 والبطالة تتفاقم بشكل ينذر بانهيار داخلي ينعكس على قدرتها في التأثير الخارجي

أوروبا بدورها تورطت في صراع أوكرانيا ودفعت ثمنه أزمة طاقة خانقة خاصة مع قدوم الشتاء أما العراق فهو يتجه للانخراط في مشروع طريق الحرير الذي تقوده الصين نحو أوروبا وهو ما يعزز من موقعه الجيوسياسي ويمنحه دورا محوريا في المرحلة المقبلة

إيران التي ظن البعض أنها تراجعت أو انسحبت عادت لتثبت أنها أقوى من أي وقت مضى فالحرس الثوري لم يعد هدفا سهلا بل أصبح جزءا من منظومة ردع إقليمية فعالة إيران اليوم تمثل ذراع الصين في المنطقة وتلعب دور الشرطي الاستراتيجي الذي يضبط الإيقاع ويوازن القوى

الصين بدورها لا تبحث عن حرب لكنها وجهت رسالة واضحة لأمريكا مفادها أن أي رصاصة تطلق نحوها ستكون الأولى والأخيرة وهذا يعكس حجم الردع الذي باتت تملكه القوة الصاعدة بلا تراجع ولا تأخر

العدوان على إيران توقف رغم ما فعلته بتل أبيب وهذا التوقف لا يعني ضعفا بل يعكس قوة غير مسيطر عليها أجبرت الولايات المتحدة على التراجع إيران بصواريخها الدقيقة أرغمت الصهاينة على الصمت وأجبرت واشنطن على إعادة الحسابات

في ظل هذا المشهد نرى تحالفات جديدة تتشكل السعودية مع باكستان الإمارات مع الهند روسيا مع كوريا الشمالية والبلطيق تحت رحمة موسكو والجولاني مع بوتن كلها مؤشرات على شرق أوسط جديد يتشكل خارج الإرادة الأمريكية

السؤال الذي يفرض نفسه اليوم هو اين أمريكا من كل هذه التغيرات وهل ما زالت تملك القدرة على رسم السياسات أم أن زمن الهيمنة قد ولى بلا رجعة .

إرسال تعليق

أحدث أقدم