​شهيد المحراب روحية الثائر وبصيرة القائد ..


سعيد البدري

من دواعي الفخر والاعتزار ان اكتب عن علم من اعلام الوطن والجهاد الذي اقترنت سلوكياته بالوطنية العالية ،واتسمت مواقفه من المعادلات الدولية بوضوح الرؤية ، ربما لايعرف الكثيرين ان هناك يوم  اسمه يوم الشهيد العراقي، وقد يتناسى البعض ان هذا اليوم اقترن بذكرى اغتيال اليمة لأحد اهم رموز اسقاط نظام البعث المجرم ، وحين اكتب عن هذا اليوم لا فأنا اكتب عن سيرة رجل بقدر ما اكتب عن سؤال ما زالت اجابته  عالقة في ضمير هذا البلد ،وهو سؤال يرتبط بالقيادة والقرار والسيادة ،وحين يحضر اسم شهيد المحراب اية الله السيد محمد باقر الحكيم قدس سره فهو لا يحضر بوصفه صاحب ذكرى او محطة تاريخية بل كمعيار نقيس به ما كنا نريده للعراق وما وصلنا اليه فعلا ..

ما كان يميز اية الله المجاهد السيد محمد باقر الحكيم رضوان الله عليه  ليس انه واجه الدكتاتورية فحسب بل انه رفض ان يستبدل طغيانا بطغيان والقهر بقهر اخر، وكان يرى ان المشكلة في العراق لم تكن فقط في النظام البعثي، بل في المعادلات الظالمة التي تنتج الاستبداد مهما تغيرت الوجوه ،نعم لقد كان موقفه واضحا وضوح الشمس في كبد السماء ،فقال مرارا وكرر ذلك في كل المناسبات ، فاما دولة عادلة تحكمها ارادة العراقيين او فوضى مقنعة بعناوين براقة .

في موضع الهجرة والجهاد والمواجهة مع البعث المجرم ،لم يتعامل رضوان الله عليه  مع  المعارضة بوصفها تجمعا للثأر او المصالح ،انما بوصفها مسؤولية تاريخية مدركا ان اسقاط النظام لا قيمة له اذا لم يسبقه وعي يوحد الهدف ويمنع االقوى العراقية من التحول الى ادوات متصارعة ولهذا كان مشروعه الوطني اخطر على اعدائه من اي سلاح، لذالك شكل اغتياله في الاول من رجب جرس انذار لما تلى هذه العملية الغادرة ، وفي موضع التقييم لم يكن اغتياله رضوان الله عليه حدثا امنيا معزولا ولم يكن حدثا  سياسيا وامنيا مجردا ، بل مشروعا دوليا  بامتياز ، حيث مثل تشخيصه الدقيق للاوضاع عقدة لمن ارادوا للعراق ان يكون منطلقا لمشروع جديد يستهدف تغيير وجه المنطقة ،والذي واجهه بالكثير من الحزم  ليمثل بذلك خطا لا يقبل المساومة ،وهو خط يرفض الوصاية مهما كان مصدرها ويرفض ان يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات ، فكان صوته واضحا، بأن العراق لا يحكم الا من قبل ابنائه ولا يبنى الا بتوازن العدالة والشراكة بعيدا عن مشاريع الاجنبي واهدافه التي من اجلها جاء بقواته العسكرية للمنطقة. 

اليوم وبعد اكثر من عقدين على استشهاده تبدو الاسئلة التي طرحها رضوان الله عليه اكثر الحاحا من اي وقت مضى،فهل نملك كعراقيين قرارنا فعلا؟  وهل انتجنا نظاما يعبر عن الناس ام اكتفينا بتبديل العناوين!  هل فهمنا ان السياسة بلا اخلاق ليست براغماتية بل خراب مؤجل !!

وهنا ولاكون منصفا فأني ارى ان شهيد المحراب رضوان الله عليه مدرسة سياسة ومرجعية قرار وطني  واضحا وقد مثل الوضوح في زمن الالتباس  وموقفه الشجاع من كل ما جرى بيانا للحقيقة التي تقول اننا  فقدنا فعليا رجلا ذي بصيرة ومشروعا وطنيا لن يجود الزمان بمثله ،نظير ما امتلك من مقومات نضج وحكمة لا يحظى بها الا من عركته التجارب وخبرته ميادين الجهاد والتضحية ، فكان كما عرفه القاصي والداني رجل كل المراحل التي تطلبت موقفا ينتصر لارادة العراقيين وينصف مظلوميتهم ..

 اذن حلت الذكرى وفي يوم الشهيد العراقي لا يجب ان نتوقف ونحيي المناسبة بالكلمات ولا حتى المراثي ،بل لمحاكمة انفسنا على ضوء فكره لان دماء الشهداء لا تطلب الرثاء بل الوفاء للنهج ،ومواصلة ما بدء ببناء دولة عادلة يحفظ فيها حقوق الجميع وننتصر فيها للقيم الاصيلة التي اكدتها سيرته الوضاءة ،وجهوده المخلصة التي قادت جحافل من رفضوا الرضوخ لطاغوتية نظام البعث ومعادلات الاستكبار الظالمة التي ارادت للعراق البقاء مرتهنا بارادتها ومشاريعها التقسيمية الجائرة ..

إرسال تعليق

أحدث أقدم