حسين الذكر
كان الرجل الثاني في المؤتمر الوطني العراقي الذي كان يقوده الدكتور احمد الجلبي في تسعينيات القرن المنصرم وقد اسهم مع بقية اطراف المعارضة العراقية انذاك بتشجيع امريكا على تبني قرارا عسكريا باسقاط نظام الحكم في العراق قبل 2003 في واحدة من الزلازل السياسية العسكرية النادرة ) ..
ظل اراس حبيب يعمل بالظل لسنوات حتى ظهر عنوانا سياسيا بعد رحيل د. احمد الجلبي اذ قاد حزب المؤتمر الذي كان نائبا لرئيسه وخاض الانتخابات النيابية وحصد بعض المقاعد لكنه لم يتول منصبا حكوميا .
قبل عشرة سنوات تقريبا رشحني احد الاصدقاء للعمل كمستشار رياضي واعلامي في حملة الانتخابات للسيد اراس .. فشرحت رايي معتذرا، فقال : ( اني اكبر فيك اسبابك ) .. لم اره بعدها الا قبل انتخابات 2018 وقد رعى حفل توقيع احد كتبي بحفل بهيج وقد طلبت منه على هامش الحفل ثلاث مطالب عامة : ( الاول ان يسهم بعلاج النجم الكابتن حسين لعيبي والثاني ان يدعم نادي مدينة الحرية المشارك في الدوري انذاك . والثالث ان يزور مدينتنا ويطلع شخصيا على احتياجاتها الرياضية ) .. وقد لباها جميعا ... وكان قد تنبأ بحذق سياسي خبير وعين مطلع بقرب وعن كثب قائلا : ( بعد 2022 يبدا العمران سريعا في العراق .. دون ان يوضح الاسباب ) .
لم اره الا مؤخرا عبر برامج التواصل اذ ظهر بتصريحات (اكتساحية) معلنا ترشحه عن قائمة الكرد الفيلية متحدثا عن نفسه بصورة - دارماتيكية في بعض مكامنها حسرة حد الغصة - فسرها المتلقون كل حسب هواه وخلفياته وربما امنياته، فقال : ( لقد قدمت الكثير للعراق وسرقوا مني اكثر .. وانا شيعي ابن شيعي وكردي ابن كردي وامي سنية وافتخر بها ..) مشددا: ( انا العراق كل العراق ... وسابقى اعمل من اجل العراق ) .
بالتفاتة اشاد : ( الحاج ابو مهدي المهندس علم لا يتكرر بعد مائة سنة ) . ثم فجر مفاجئة للراي العام : ( كل القيادات السنية يشتغلون مع ايران) . مضيفا بلغة شاعرية ناعمة: (احنا كرد واحنا شيعة واحنا سنة لا احد يزايد على الامة) ثم نفخ في بالونه دون ان تنتفخ اوداجه مفجرا قنبلة اعلامية اكبر : ( الحكومة القادمة ستتم بمباركة ايرانية امريكية .. وان هناك اربعة شخصيات لم يسمها هي من ستتولى رئاسة الحكومة ) .
ثم سدد لكمة من جميع الجهات : ( اطمح بدولة شيعية كبرى من افغانستان الى لبنان واريد اتمشى باي مكان دون خشية توقيف سيطرة ) .
حينما سؤل هل كان لاسرائيل حضور في العراق بعد الاحتلال ؟ فقال : ( نعم كانوا موجودين تحت مسمى الجيش الامريكي للبحث عن كنوز لليهود كانت مدفونة بالاطنان وجدوها ووضعوها بمساحة هائلة ثم اخذوها وطاروا) .
بكلمة حازمة تستبطن التهكم اخذ يشرح الواقع والعمل السياسي بطريقته المثيرة جدا : ( البعث شيء والشيعة شيء والسنة شيء والكرد شيء .. والحكم شيء .. والذبابة شيئا آخر ) .
أراس حبيب لم يكن ظهوره بهذه الطريقة والتوقيت والابراق ( الترندي )عبثيا او مزاجيا ولا كما اتهمه البعض او اراد التشويش على ما قاله كرجل عابر الحدود حتى عرفته الحدود ذاتها .. لقد اراد توصيل رسالة تستبطن الكثير مما يعيه اهل الشان فلم تحصر تصريحاته بسوق الاستهلاك المحلي .. بل وضح موقفه من طريقة تعامل الدول الاقليمية والقوى العظمى صاحبة اليد الطولة في العالم : ان ما يشاهده الناس ليس هو ما يتحكم بتشكيلات الحكم وسير العمليات السياسية .. وربما اراد القول : ان التمثيل النيابي في البرلمان ليس وحده من يمتلك الكلمة الفصل بالمشوار ونهاية المشوار او ما بعد المشوار !