
بقلم: حسن درباش العامري
كاتب وخببر سياسي
تتناقل المجالس والأوساط السياسية وشبكات السوشيال ميديا ،هذه الأيام تسريبات غامضة عن اسم رئيس الوزراء الجديد، وتقول الرواية الشعبية إن الحرف الأول من اسمه هو (ح)!
وما بين “الح” و”الحاء” ضاعت الحقيقة بين الأمنيات والتكهنات، فكلٌّ صار يخمّن، ويبدّل، ويضيف، ويؤوّل: هذا يرى في الاسم خلاص الوطن، وذاك غيّر حرف اسم نائبه ليمنحه لقب الرئيس القادم! لتكون حاليه هيه الرئيس المنتظر!
أما أنا، فلم أكن بعيدًا عن هذا المزاج الشعبي العام، فتركت لعقلي أن يسترخي قليلًا، وسمحت لمخيلتي أن تحلق في فضاء الأحلام، لأجد نفسي في مشهد عجيب...
غفوة صغيرة فقط، كانت كفيلة بأن تجعلني “رئيس الوزراء الجديد”! ولم لا فأن اول حرف من اسمك (حاء)
رأيت المواطنين يتجمهرون حول بيتي، يصفقون ويهتفون،هلا بيك هلا، ويقدّمون التهاني والتبريكات. بعضهم يحمل ملفات التعيين، وآخرون معاملات تمليك العشوائيات، ومن بينهم طوابير من الخريجين والمتقاعدين والموظفين والعاطلين والفلاحين والمرضى والمحتاجين.
كلٌّ يحمل ورقته، وكل ورقة تختصر وجع وطن.
أحدهم يطالب بالكهرباء، وآخر بالماء، وثالث يريد إيقاف الاستيراد الذي يقتل الصناعة المحلية. أصوات تنادي بإحياء الزراعة، وتطوير السياحة، وتحسين التعليم وإعادة مجانية التعليم والغاء الجامعات الاهليه والمدارس الاهليه والبعض يهتف بتنظيم القبول بالجامعات بما يتناسب وحاجة البلد وفتح المعامل الاهلية والحكومية بشمول الجميع بالتعيينات فالكل يريد مصدر رزق ليعيش، وإصلاح الخدمات، وتوفير السكن، وفك الازدحامات في الشوارع وتعديل الرواتب، وتنفيذ سلم عادل المرتبات والغاء ازدواجيه الرواتب وبناء المدارس والمستشفيات...ومن بعيد صوت عالي ..ماذا ستفعل بحق موضوع الفساد؟؟
يا إلهي! كمٌّ هائل من المطالب والمشكلات التي تراكمت حتى صار حلّها أشبه بفكّ رموز الهيروغليفية!
وقفت مذهولًا أتأمل وجوه الناس، أفكر بالموازنة التي لا تعيش إلا على “رئة النفط”، والنفط نفسه يعاني من ثقوب الأنابيب وفساد الجيوب.
وفوق هذا كله، هناك ترامب يزمجر من وراء البحار: “افعل هذا، ولا تفعل ذاك”،واسراب من الطائرات تحوم حول بيتي ، وقادة الكتل يتربصون خلف الستار بانتظار حصصهم.
لكنني، كأي رئيس جديد ما زال في نشوة البداية، رفعت صوتي عاليًا بخطاب حماسي وقلت:
انتظروني! سأحقق لكم كل ما تتمنون!
سأبني لكم مجمعات سكنية، وأشيّد الجسور، وأغيّر الأرصفة والمقرنص!
سأجعل حياتكم وردية، سياراتكم وردية، وحتى الشوارع وردية!
وسأصدر قرارًا يمنع استيراد أي شيء إلا إذا كان بلون وردي!
وفجأة... دوّى انفجار هائل!
سيارة مفخخة يقودها من عاد بعد “عفوٍ عام” أطلقته حكومتي الموعودة...
استيقظت مذعورًا على صوت الانفجار... لأكتشف أنني ما زلت على سريري!
لا رئيس أنا، ولا حكومة عندي، ولا تغيّر شيء في الواقع.
كانت كلها أحلامًا... وعودًا في وعود!،وما اسهل الوعود في بلدي!!