
كتبها / جعفر العلوجي
الجلسات كثيرة والحديث عن جرائم العهد المباد لا ينتهي ، لكن العجيب بل الفاضح أن بعض من كانوا يتنعمون بخيرات القائد الضرورة ما زالوا إلى اليوم يلمعون صورته ، وكأن الدماء التي سالت كانت (دهان وطنية) !
نظام لم يكتفِ بالقتل والتهجير وسرقة الأعمار ، بل ختمها بخيانة وطنية كبرى حين فتح الباب للأمريكان ليعيثوا في الأرض فسادا، ثم أُمسك بصاحبه في مشهد لا يليق لا برجل ولا بدولة ولا بتاريخ .
ومع ذلك ، لا تزال بعض المجالس في عراق ما بعد 2003 تتفاخر بـ(أيام العز ) و(زمن الدولة القوية) !
أي قوة تلك ؟ دولة أكلت أبناءها، وأذلت علماءها ، وساقت شبابها إلى المقابر الجماعية ، ثم باعت السيادة على طبق من خوف ؟
الأغرب أن بعض السياسيين اليوم من كل المكونات صاروا يحتضنون أبناء الرفاق والرفيقات ، ويفتحون لهم أبواب المناصب والمكاتب الفخمة ، كأنما الوطن صار دار ضيافة لمن أساء إليه بالأمس .
نعم ، منحوهم الامتيازات والدرجات الخاصة ، ومع كل ذلك لا زالوا في مجالسهم يعقدون المقارنات بين (الأمس الذهبي) و(اليوم الفوضوي) وكأن عهد الدم والحديد كان حديقة للحرية !
يا سادة ، أنتم تعرفون حجم الخراب الذي خلفه ذاك النظام ، أرض ضاعت ، عملة انهارت ، حرب أحرقت الأخضر واليابس ، وسجون امتلأت بالحياة الموءودة .
لكنكم اليوم تطوون الصفحات لا لأن الجراح اندملت ، بل لأن الكرسي بات أغلى من الذاكرة ، وأثمن من العدالة وأقدس من كل تضحية .
أما الانتخابات ... فحدث ولا حرج
سباق بلا ضمير ، يتسابق فيه الشريف والحرامي ، الثائر والمنافق حتى صار الهوس الانتخابي وباء وطنياً .
الكل يريد خدمة الشعب ولا أحد يذكر هذا الشعب إلا في الشعارات .
أين المساءلة ؟ أين العدالة ؟
كيف أصبح الجلاد والضحية متساويين في الوطن نفسه ؟
كيف يعيش القاتل في القصر والمجاهد في الانتظار ؟
لقد تحول التاريخ عند البعض إلى طبق يومي من النسيان ، تقدم معه ابتسامة سياسية باردة وكلمة وطنية بلا معنى .
فهل بعد هذا العمى ننتظر إنصافا ؟ أم نكتفي بمقولة الراحلين :
الكرسي لا يورث عدلًا… بل يورث وجعا .