​الإمارات والعراق.. دروس وعِبَر من كرة القدم


 نعمت عباس

تقوم كرة القدم منذ تأسيسها على ثلاثة مبادئ رئيسية: العدالة، والمساواة، وسلامة اللاعبين. غير أن بعض القرارات التنظيمية في الملحق الآسيوي الأخير أثارت الكثير من الجدل، خصوصاً حين اختار الاتحاد الآسيوي إقامة مباراة الإمارات وقطر في الدوحة، ومباراة العراق والسعودية في الرياض، في خطوة بدت بعيدة عن مبدأ العدالة الذي يفترض أن يحكم منافسات كرة القدم.

 

ورغم هذه التحديات، قدمت دولة الإمارات نموذجاً حضارياً استثنائياً في التعامل الرياضي، مؤكدة أن كرة القدم أوسع وأسمى من مجرد تنافس داخل المستطيل الأخضر. فقد حظي منتخب العراق، الخصم المباشر للمنتخب الإماراتي في الملحق، باستقبال راقٍ وتنظيم مثالي خلال مباراة الإياب في أبوظبي، حيث وفّرت الإمارات كل الإمكانات لضمان راحة المنتخب الضيف، ليظهر الوجه الحقيقي للرياضة بوصفها جسراً يربط الشعوب.

 

وفي البصرة، انعكست الصورة ذاتها. فقد استقبل مسؤولو اتحاد الكرة العراقي ومحافظ البصرة الوفد الإماراتي بالورود والهتافات الأخوية، وسط كرم ضيافة يعكس متانة العلاقات بين الشعبين. أما في مدرجات المباراة، فقد تجسدت واحدة من أسمى صور الرياضة: جماهير الفريقين تلتف حول هدف واحد هو المحبة، والروح الرياضية، والاحترام المتبادل.

 

ولأول مرة في تاريخ مواجهات المنتخبين، شهدنا مشهداً نادراً: الفريق الفائز يحظى بإعجاب وتشجيع جماهير الفريق الخاسر، والفائز بدوره يواسي منافسه بروح رياضية صادقة. مشاهد أكدت أن كرة القدم ليست مجرد مباراة، بل مساحة تتجلى فيها القيم الإنسانية بأبهى صورها.

 

هذه التجربة الغنية بالدروس والعبر تضع الاتحادين الآسيوي والدولي أمام مسؤولية إعادة النظر في آليات التنظيم، بما يضمن العدالة والمساواة للجميع، ويعزز دور كرة القدم كرياضة تقوم على المحبة، والإبداع، والاحترام.

 

لقد قدّم لقاء الإمارات والعراق درساً خالداً سيبقى محفوراً في ذاكرة كرة القدم، درساً عنوانه:

الرياضة تجمع ولا تُفرق، وتُعلّم قبل أن تُنافس

 


إرسال تعليق

أحدث أقدم