*الشرق يتمدد والغرب يتآكل*

إحسان الموسوي

المشهد الدولي يشهد تحولا جذريا في موازين القوى حيث يتفكك القطب الغربي بشكل متسارع بينما يتمدد البديل الشرقي بثبات وهدوء

حلف الناتو الذي كان يوما مظلة امنية موحدة بدأ يفقد تماسكه مع تصاعد التذمر داخل دوله من هيمنة امريكا ومصادرة القرار السيادي وتجاهل المصالح الوطنية للدول الاعضاء لصالح اجندات واشنطن

دول اوروبية بدأت تغازل مجموعة بريكس وتبحث عن بدائل اقتصادية وسياسية بعيدا عن النفوذ الامريكي الذي بات عبئا على شعوبها وسط ازمات متلاحقة وانكماش اقتصادي وشتاء بارد وبطالة متزايدة واحتجاجات شعبية لا تهدأ

الولايات المتحدة نفسها تعاني من انقسامات داخلية حادة وديون متراكمة لا يمكن سدادها ونظام سياسي مأزوم لم يعد قادرا على تقديم نموذج عالمي قابل للتكرار او الاقناع

في المقابل تواصل الصين تمددها الاقتصادي والتكنولوجي وتغرق الاسواق العالمية ببضائعها ومنتجاتها الذكية وتبني تحالفات استراتيجية مع دول الجنوب العالمي وتقدم نفسها كقوة بديلة اكثر عقلانية واقل تدخلا

روسيا رغم العقوبات والحصار العسكري تواصل تثبيت حضورها في مناطق النزاع وتعيد رسم خرائط النفوذ في اوراسيا والشرق الاوسط وافريقيا

الهند والبرازيل وجنوب افريقيا تتحول الى مراكز جذب اقتصادي وسياسي وتعيد تعريف مفهوم الشراكة الدولية بعيدا عن الهيمنة الغربية

العالم يتغير والقطب الغربي لم يعد قادرا على احتكار القرار الدولي بينما البديل الشرقي يراكم القوة ويصنع التوازن ويقدم نموذجا جديدا في ادارة العلاقات الدولية

المرحلة المقبلة ستشهد اعادة تشكيل النظام العالمي على اسس متعددة الاقطاب حيث لم تعد واشنطن وحدها من يقرر بل باتت مضطرة للتفاوض والتنازل امام واقع جديد لا يمكن تجاهله ولا السيطرة عليه

الشرق يتمدد والغرب يتآكل وهذه ليست مجرد نظرية بل حقيقة تتجلى يوما بعد يوم في الاقتصاد والسياسة والمجتمع الدولي .

إرسال تعليق

أحدث أقدم