بقلم/ عامر جاسم العيداني
تتبنّى الحكومة العراقية في السنوات الأخيرة سياسة حماية المنتج الوطني من خلال منع استيراد بعض المواد الزراعية بحجة دعم الفلاح وتشجيع الاكتفاء الذاتي ورغم وجاهة الهدف المعلن إلا أن هذه السياسة أثبتت عملياً أنها غير واقعية بل تنعكس سلباً على المواطن والاقتصاد الوطني على حد سواء.
ان منع الاستيراد بشكل كامل لا يحقق الحماية الحقيقية للمنتج المحلي بل يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بسبب قلة المعروض فيضر بالمواطن ويؤدي الى :
- تهريب البضائع عبر الحدود أو دخولها من إقليم كوردستان بعيداً عن الرقابة.
-فقدان السيطرة الحكومية على السوق وفتح المجال للاحتكار والتلاعب.
ان الحل الأمثل لا يكمن في إغلاق الحدود بل في إبقائها مفتوحة مع فرض رسوم كمركية تصاعدية ، أي في مواسم وفرة الإنتاج المحلي تُرفع الرسوم الجمركية على السلع المستوردة فيصبح المنتج الوطني هو الأرخص والأكثر تنافسية في مواسم ضعف الإنتاج تُخفّض الرسوم ويُسمح بالاستيراد لتأمين حاجة السوق ومنع ارتفاع الأسعار.
بهذا التوازن يجري تحقيق مصلحتين أساسيتين: حماية الفلاح من المنافسة غير العادلة وحماية المواطن من ارتفاع الأسعار.
إلى جانب السياسة الجمركية المرنة يجب أن يكون هناك برنامج حكومي جاد لدعم الفلاح يتضمن:
-قروض زراعية ميسّرة لتمكينه من التوسع بالإنتاج.
-توفير البذور المحسنة والأسمدة بأسعار مدعومة
-تجهيز أدوات الري الحديثة لمواجهة أزمة المياه وتحقيق إنتاج مستقر
-ضمان شراء المحاصيل الاستراتيجية من الفلاحين بأسعار تشجيعية تضمن استمرارية العملية الزراعية.
إن أي سياسة اقتصادية لا تضع المواطن في مركز الاهتمام هي سياسة فاشلة وحماية المنتج الوطني يجب أن تسير جنباً إلى جنب مع حماية المستهلك من التضخم وجشع السوق وان إبقاء الحدود مفتوحة مع رسوم كمركية مدروسة هو الخيار الأكثر عدلاً وواقعية.
إننا نطالب الحكومة العراقية بالتخلي عن سياسة المنع الشامل واعتماد سياسة الرسوم الكمركية التصاعدية بالتوازي مع دعم حقيقي للفلاح بهذه المعادلة فقط يمكن تحقيق التوازن بين مصلحة المزارع والتاجر والمواطن وبناء اقتصاد وطني مستقر بعيداً عن القرارات الارتجالية قصيرة المدى.