
بقلم / فراس الحمداني
للاسف في بلدي بلا رغبة منا نغرق هذه الفترة بفوضى عارمة ونعيش حربا" وصراعا" مقيتا" لا منافسة انتخابية شريفة سيما واننا الان في اوج وصخب الدعايات الانتخابية التي لم تغادر الطائفية والقومية والمذهبية ولم تتعدى الوقوف عندها مما اثار اشمئزاز الكثيرين .. و في كل موسم انتخابي يبرز مصطلح الصمت الانتخابي كعلامة فارقة بين ضجيج الدعايات وهدوء صناديق الاقتراع وتعريف بسيط للصمت الانتخابي فهو تلك المدة الزمنية التي تسبق يوم التصويت والتي يُفترض فيها أن تتوقف كل أشكال الدعاية والترويج للمرشحين بهدف إتاحة الفرصة للناخب كي يتأمل خياراته بعيدا" عن المؤثرات الدعائية والإغراءات السياسية إلا أن هذا المفهوم الذي يبدو بسيطا في نصوص اللوائح والتعليمات يتحول في الواقع إلى تحدٍ معقد خاصة حين نتحدث عن الانتخابات البرلمانية العراقية بدورتها السادسة المرتقبة بعد أيام قليلة .
وفي ظل واقع سياسي محتدم ومنافسة شديدة يسودها المال السياسي والنفوذ الإعلامي يصبح الصمت الانتخابي ( وخاصة" في كركوك ) أشبه بحلم تنظيري أكثر من كونه ممارسة ممكنة إذ تواجه المفوضية العليا المستقلة للانتخابات معضلة في ضمان التزام المرشحين والأحزاب بهذا الصمت فالكثير منهم يجدون في اللحظات الأخيرة فرصة ذهبية لتكثيف الرسائل غير المباشرة واستثمار كل ثغرة في القانون أو في فضاء الإعلام الإلكتروني لمواصلة التأثير على الناخب .
وتكمن الإشكالية الأكبر في مواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى ساحات انتخابية مفتوحة لا تعرف حدود الزمان والمكان فكيف يمكن ضبط مرشح يواصل بث رسائل داعمة له عبر حسابات مؤيديه أو صفحات مدفوعة لا ترتبط به رسميا وهل تستطيع المفوضية مراقبة هذا الكم الهائل من المحتوى في لحظات ما قبل التصويت بينما حتى الحسابات المجهولة قادرة على إعادة نشر المواد الدعائية بطرق يصعب تتبعها أو محاسبة أصحابها .
إن تطبيق الصمت الانتخابي في العراق يتطلب وعيا" سياسيا" وثقافيا" قبل أن يكون مسألة قانونية فهو امتحان لمدى احترام الجميع لقواعد اللعبة الديمقراطية لا مجرد التزام شكلي بتعليمات المفوضية فحين يدرك المرشح أن احترام الصمت جزء من احترام إرادة الناخب وحين يشعر المواطن بأن الصمت الانتخابي فرصة للتفكير لا للانجرار خلف الضجيج عندها فقط يمكن أن يتحقق معنى الصمت الحقيقي .
وربما يكون الحل في إعادة تعريف الصمت الانتخابي وضبط ايقاع تعليماته بصرامة ليواكب العصر الرقمي عبر أنظمة رقابة إلكترونية أكثر ذكاءً وتعاون حقيقي بين المفوضية ومنصات التواصل لإغلاق أي منفذ للدعاية خلال المدة المحددة لكن وحتى إشعار آخر تبقى السؤال قائم" .. ترى هل سيصمتون ؟