البصرة تموت عطشاً.. والسوداني يصحو متأخراً"




بقلم / عامر جاسم العيداني 

في مقال سابق نبهنا إلى أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يتحمل مسؤولية مباشرة في أزمة تلوث المياه وشح الإطلاقات المائية في البصرة. واليوم جاء الإقرار الرسمي منه ليؤكد صحة ما ذهبنا إليه ويفتح الباب لمرحلة من التصحيح المتأخر.


بعد أشهر من التدهور البيئي وتراجع نوعية المياه ومعاناة المواطنين من تلوثها وقلتها زار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني محافظة البصرة وهو اعتراف رسمي بمسؤوليته المباشرة عن الأزمة ويبدأ تحركات تنفيذية طال انتظارها.


السوداني اجتمع بالحكومة المحلية وصادق على كافة المشاريع المتعلقة بالمياه التي سبق وان قدمتها الحكومة المحلية كمشاريع في خطوة جاءت بعد ضغط شعبي وإعلامي وحكومي غير مسبوق كشف عمق الإهمال الذي عانت منه المحافظة خلال الفترة الماضية.


وشملت مصادقة رئيس الوزراء مشاريع حيوية لتصفية وتكرير وتحلية المياه فضلاً عن تحسين شبكات الإرواء والإسالة مع التأكيد على التنسيق العاجل مع وزارة الموارد المائية لإطلاق الحصص الكافية من المياه الخام وازالة جميع التجاوزات على نهري دجلة والفرات وقناة البدعة  بما يضمن الاستقرار البيئي والمعيشي.

هذه الخطوة، رغم أهميتها، تبقى ناقصة إن لم تُترجم إلى عمل فوري على الأرض يعالج التأخير المزمن في تنفيذ المشاريع ويضع حلولًا دائمة لمشكلة البصرة المائية التي لا تليق بمحافظة تنتج الجزء الأكبر من ثروات العراق النفطية وتعيش في قلب المعاناة الخدمية.

لقد أثبتت تجربة الأزمة أن صوت المواطن حين يتوحد مع الإعلام النزيه والحكومة المحلية الواعية يمكن أن يُحدث تغييراً حتى في المواقف المركزية الأعلى. واليوم لا مجال للتراخي مجددًا فالمواطن البصري لا يحتاج إلى وعود إضافية بل إلى ماء نقي يصل إلى بيته بلا تلوث ولا انقطاع.

زيارة رئيس الوزراء واعترافه وتحركاته خطوة أولى.. لكنّ الحكم سيكون على النتائج لا النوايا.

إن البصرة لا تحتاج إلى "اعترافات" بقدر ما تحتاج إلى عدالة في التوزيع وإنصاف في التخطيط وحضور فعلي للدولة في ملفاتها المصيرية وعلى رأسها المياه. ما جرى كان جرس إنذار وعلى الحكومة أن تتعامل معه بمنطق الدولة لا بمنطق رد الفعل.

وكمواطن وصحفي من البصرة أقولها بوضوح: لم نكتب لننتقد فحسب بل كتبنا كي نوقظ الضمير ونذكّر بأن ما يُهمل اليوم سيعود أزمة مضاعفة غداً. وننتظر أن تتحول هذه الزيارة إلى بداية عهد جديد تُعامل فيه البصرة كما تستحق لا كما يُراد لها أن تبقى.

إرسال تعليق

أحدث أقدم