د.محمود الهاشمي
مدير مركز الاتحاد للدراسات الاستراتيجية
لم تتوقف الاستهدافات والمؤامرات على الجمهورية الاسلامية منذ انطلاق ثورتها عام ١٩٧٩ وحتى اليوم
وحين عجزوا ان ينالوا من تماسكها ونجاح تجربتها قرروا ان يهاجموها عسكريا عبر الهجوم الصهيوني
صباح يوم ١٣-٦-٢٠٢٦ او الهجوم الاميركي من بعده بعد ان سخروا عملاء من الداخل والخارج ،وبعد ان تمكنوا من القيام باغتيالات لقادة عسكريين وعلماء نووين واستهدفوا مواقع عسكرية وامنية ومستشفيات ومؤسسات
اعلامية ومواقع للطاقة النووية .
رغم كل هذه السلسلة من الاستهدافات للتجربة الاسلامية في ايران خرج النظام (معافى )واستطاع ان يرد بكل قوة واقتدار على خصومه وان يحافظ على امنه واستقراره
وان يلتف الشعب اكثر حول قيادته ويسارع لمواصلة البناء والاعمار واصلاح ماتم تدميره على يد الاعداء ..
انشغل كثيرون في البحث عن سر صمود التجربة السياسية بايران ،وتماسك النظام الاسلامي ،والاشتمال على التحديات والازمات بكل وعي وادراك
والخروج باقل الخسائر ومواصلة مسيرة الثورة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية والعسكرية .
احد هذه الاراء -وهو الاحدث-للكاتب عبد الوهاب المرسي
والذي نشره على موقع (الحزيرة نت )بتاريخ ٢٧-٦-٢٠٢٥ حيث كتب
(أن هذا النظام، بكل ما فيه من تعقيد، ليس مجرد واجهة سياسية يمكن تفكيكها من الخارج. بل هو شبكة متداخلة من الأجهزة، والذاكرة، والإيديولوجيا، والمصالح. دولةٌ قائمةٌ على جراحها، وعلى الخوف الجماعي من تكرار الماضي الإمبراطوري، أو من عودة الهيمنة الغربية تحت أسماء جديدة)
وهناك تفسيرات اخرى تقترب او تبتعد عن هذا الراي لكن ليس فيهم من ذهب الى ان (الاسلام )كعقيدة حاكمة وراء سر قوة ايران وصلابة تجربتها
في مواجهة التحديات التي تعصف بها ،ولا كيف استطاعت دولة من العالم الثالث ان ترقص مع الكبار وان تدك قلعةً
من قلاع الاستكبار سواء بالعراق عام ٢٠٢٠ (عين الاسد )او (العديد )في قطر وتصرخُ (ردوها إنْ استطعتم )!
ان العقيدة الحاكمة في ايران
عقيدة (اسلامية محمدية حسينية )وهذا مثبت بالدستور الذي صوّت عليه الشعب الإيراني بالإيجاب بأكثرية 98.2% ممن كان لهم الحق في التصويت.
وحاء في نص المادة الثانية:
(يقوم نظام الجمهورية الإسلامية على أساس:
۱- الإيمان بالله الأحد (لا إله إلا الله) وتفرده بالحاكمية والتشريع، ولزوم التسليم لأمره.
۲- الإيمان بالوحي الإلهي ودوره الأساس في بيان القوانين.
۳- الإيمان بالمعاد ودورة الخلاق في مسيرة الإنسان التكاملية نحو الله.
۴- الإيمان بعدل الله في الخلق والتشريع.
۵- الإيمان بالإمامة والقيادة المستمرة، ودورها الأساس في استمرار الثورة التي أحدثها الإسلام.
۶- الإيمان بكرامة الإنسان وقيمته الرفيعة، وحريته الملازمة لمسؤوليته أمام الله.
وهو نظام يؤمّن القسط والعدالة، والاستقلال السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والتلاحم الوطني عن طريق ما يلي:
- الاجتهاد المستمر من قبل الفقهاء جامعي الشرائط، على أساس الكتب وسنة المعصومين سلام الله عليهم أجمعين.
- الاستفادة من العلوم والفنون والتجارب المقدمة لدى البشرية، والسعي من أجل تقدمها.
- محو الظلم والقهر مطلقًا ورفض الخضوع لهما.)
هذا هو جوهر نظام الحكم في الجمهورية الاسلامية وبمبادئه ونصوصه واجهت الثورة جميع التحديات التي وقفت في طريقها ..
فالعقيدة الاسلامية المحمدية الحسينية لاتنظر الى خسائر المعارك التي تخوضها في بعدها المادي بل في بعدها الروحي فمثلا بالقياس المادي ان الامام الحسين عليه السلام خسر المعركة في واقعة الطف ،حيث استشهد جميع افراد جيشه والعديد من افراد اسرته كما استشهد الامام نفسه ايضا وسُبيت اسرته وسيقت الى قصور الطغاة ..
لكن العقيدة الاسلامية الحسينية في ايران لاترى في استشهاد الامام الحسين عليه وماحدث لاهل بيته واصحابه بانها معركة خاسرة
بل ترى انها (ثورة )مازال اوارها قائما وباتت منهجا وعقيدة لكل احرار العالم وتوالدت من جذوتها ثورات وثورات اطاحت بالطغات والمستكبرين ..
في معركة ال(١٢)يوما الاخيرة التي هاجم فيها الكيان الصهيوني ايران في (٢٣-٦-٢٠٢٥)وتمكن من اغتيال
عدد من القيادات العسكرية وعلماء نوويين عجبَ كثيرون كيف استطاعت القيادة الايرانية
ايجاد البديل بهذه السرعة وكيف استطاعت ان تتحمل الصدمة وان تواجه مخططا كان معداً له ان يطيح بالنظام ،بعد ان شاركت بالاعداد له دول عديدة بامكانيات كبيرة ماليا واستخباريا واعلاميا .
إنّ السر الحقيقي في ذلك يعود الى (الاسلام )الذي يرسخ قيم الصبر والرضا بامر الله قال تعالى: (وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)
فالصبر والتصبر عند المحن عدّة المؤمن في الحياة لمواجهة الصعاب ،كما لاننكر ميزة الشعب الايراني في الصبر يقول وزير خارجية ايران عراقچي
( أنّ تعقيد الإيرانيين وصلابتهم تتجلى بوضوح في سجادنا الفاخر، الذي يُنسج بصبر لا نهائي ولساعات طويلة من العمل الدؤوب).
كما للشعب الايراني من ميزات اخرى في اعتزازه بتاريخه وارثه العلمي والفكري والادبي كونه
وريث حضارات عريقة ..
اما كيف يعاجل النظام الايراني
في ايجاد بديل لاي قائد يسقط شهيدا فذلك مااخذه عن الرسول الكريم محمد (ص)
حين ارسل جيشاً لمحاربة الروم
في غزوة (مؤتة ) في العام الثامن من الهجرة حيث سمّى
قائداً للجيش جعفر الطيار واوصى اذا استشهد جعفر فالراية لزيد بن حارث وان استشهد زيد فالراية لعبد الله بن رواحة .
هذه (التراتبية )من ادبيات الحرب عند المسلمين ،ويرى فيه الاسلام احد مقومات نجاح النظام الاسلامي في ادارة الدولة حتى لايشغر منصبٌ وتبقى الرعية بلا راعٍ.
ان قادة الجمهورية الاسلامية هم قادة مسلمون يؤمنون بما جاء به الله ورسوله ويؤدون واجبات الدين في اصعب الظروف حيث بعد استهداف
مستشار السيد القائد الخامنئي
الجنرال (شمخاني )وانهيار منزله عليه اكد انه ادى صلاة الصبح وهو تحت ركام الحجر .
ان خلف كل ضابط وعالم ومفكر ومسؤول ايراني مئات يصطفون ليتشرفوا بعمل لخدمة الاسلام والمسلمين .
هكذا هو الاسلام يعلمنا ان
ان كرامة الله للانسان المسلم المجاهد (الشهادة ) وانه ولد ليعيش حياة حرةً كريمة يقول الرئيس الايراني پزشكيان
(تعلمنا من الحسين بن علي (عليهما السلام) ألا نستسلم للذل، ألا ننحني أمام الظلم)
بهذه العقيدة الاسلامية تواجه ايران كل التحديات والازمات فتخرج منتصرةً شامخةً عزيزةً.