ديمقراطية الطوائف... أم ديمقراطية الدولة؟



حسن درباش العامري 

"نحن السنة أكثرية في العراق ونحن الأصل..."

"نحن الشيعة أغلبية ولنا الحكم ولن نتنازل عنه..."

عبارات باتت تتكرر مع كل دورة انتخابية، لا تعكس حرصًا على الوطن، بل رغبة جامحة في كسب الأصوات، ولو على حساب وحدة المجتمع وسلامة الدولة. إن أخطر ما في هذه الخطابات الطائفية أنها لا تراعي أمن الناس وسلامتهم، بل تتعدى ذلك إلى التأثير على عقول ضعيفة، يستهويها الحماس الأجوف والانفعال المذهبي، فتتحول إلى أدوات قتلٍ وتخريب، دون وعي ولا إدراك، لا لشيء إلا لحماية متطرفة لفكرة خاطئة أو موقف منحرف، وقد قال الله تعالى:

{ولا تقتلوا النفس التي حرَّم الله إلا بالحق} [الأنعام: 151]،

وقال سبحانه: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [الأنعام: 164].


إن الديمقراطية ليست أداة للفرز الطائفي ولا للمفاخرة بالانتماء المذهبي أو المناطقي، وإنما هي – كما في أصلها – وسيلة راقية لاختيار الأكفأ والأصلح والأكثر دراية بشؤون الناس وخدمتهم.


في الديمقراطيات الحقيقية، كأمريكا وبريطانيا وغيرهما، حيث تعيش قوميات وديانات مختلفة، لا تُطرح الانتماءات الدينية أو الطائفية في الحملات الانتخابية، بل يُسأل المرشح: ماذا ستقدّم؟ ما كفاءتك؟ ما خبرتك؟ وليس: من طائفتك أو عشيرتك أو مدينتك؟


أما في عراقنا، وللأسف، فقد تم تفريغ الديمقراطية من مضمونها الحقيقي، وتحويلها إلى "ديمقراطية تفتيت" تفرّق ولا تجمع، تُقصي ولا تُشرك، حتى صار كثير من أبناء هذا الوطن يختارون ممثليهم على أساس الطائفة أو القومية لا الكفاءة، والولاء لا النزاهة، وكأننا نقول للخراب: تفضل بالدخول.


لقد سبق الإسلام كل هذه المفاهيم حين قال تعالى:

{وأمرهم شورى بينهم} [الشورى: 38]،

وهو مبدأ في صميم الديمقراطية، لكنه مبدأ جامع لا مفرّق، يختار فيه الناس من يُحسن القيادة ويحمل الأمانة، لا من يرفع شعار الطائفة ويخفي الفساد خلفها.


كما حذّرنا القرآن الكريم من التفرقة فقال:

{ولا تكونوا كالذين تفرّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيّنات} [آل عمران: 105]،

وقال عز وجل:

{إن هذه أمتكم أمةً واحدة وأنا ربكم فاعبدون} [الأنبياء: 92].


إن الله تعالى لا ينظر إلى طائفتك أو مذهبك، بل إلى عملك وإخلاصك، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

"إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".


فأي ديمقراطية نريد؟

هل نريد ديمقراطية تُنتج برلمانات عاجزة، كما برلمان اليوم ام حكومات تعد ولاتنفذ ككل الحكومات التي مرت ام وزارات فساد وسرقات ام مؤسسات مخترقه من جهات غاياتها سرقة التخصيصات ، وخطابات مسمومة، ووعودًا جوفاء؟

أم نريد ديمقراطية تبني مستشفيات ومدارس ومرافق مختلفه لراحة المواطن وتحقيق الرفاهيه الحلم  وقوانين تحقق المعنى الحقيقي للدوله وليس الدولة البوليسيه القمعيه والا لما ضحينا من أجل التغيير؟

الجواب بيدنا نحن، وبصناديقنا، ووعي شعبنا.

ولكن هل بلغ المواطن مستوى الوعي الذي يحقق ذلك وعرف الدروس المتوالية ...؟؟

بغداد   ٢٧/٦/٢٠٢٥

إرسال تعليق

أحدث أقدم