شكرا لقمة بغداد




محمود الهاشمي 


بظرف اشهر تحولت العاصمة بغداد الى عروس جميلة تتلألأ فيها المصابيح وواجهات المحال ،وتبدو الشوارع انيقة بخطوطها البيضاء والصفراء

وإشاراتها الضوئية وارصفتها 

النظيفة وحدائقها المغتسلة بالضوء والماء ولوحات الدلالة المتوهجة وهي تشير لك الى هذه المدينة او تلك ..

حين يقدم الظلام تبدو بغداد كما يقول 

الشاعر ابو العلاء المعري :-

(ليلتي هذه كعروسٍ من الزنج عليها قلائدٌ من جمانِ)

فالجسور تتدلى عليها المصابيح 

فتغسل مياهها وبلاطها والناس الذين يمرون عليها فيما تتسلق العجلات عليها مسرعة فارعة 

مزهوةً بالوانها وتبدو كسيول ذهبية ..

لاول مرة ارى الحاويات فارغة 

وارى الاكياس في مواضعها وارى عمال النظافة بعملون طول الساعات وارى عجلات وزارة الكهرباء تمد اعناقها 

كالزرافات تلاحق المصابيح المطفأة ..

لاول مرة ارى عجلات شفط الاتربة تسير الهوينا وتطهر الارصفة من الغبار 

ارى فنادق جديدة اطلت علينا لاول مرة بواحهاتها واضوائها 

وابنيتها الشامخة الانيقة العملاقة بخرائط حديثة والوان بهية واشجار تحتضنها من كل جانب ..

لاول مرة استرخي على مقعد السيارة دون ارتجاج وهزات شديدة تهشم عظام الفقرات 

حيث يسلمك شارع مبلط الى اخر اكثر استواء 

لقد طال التعبيد احياءً كانت منسية تماما وتبدو بالليل اشبه 

بمزرعة محروثة حديثا تاخذك من وحل لوحل ومن حفرة لاخرى ..

جميع المصابيح مضاءة بعد ان كانت عمياء او (عوراء)

الاسواق ملأى بالبضاعة المصففة بشكل مرتب وبذوق 

المولات تنزع فستانا وترتدي اخر …السيارات الحديثة تتسابق

على شوارع معبدة ..

رايت بغداد اليوم  مثل اسرة تستقبل ضيوفا لطلب يد ابنتهم       

حيث لم تبق قطعة اثاث لاتغير او تنظف او او وصولا الى اقداح الشاي والشرابت ..

لاشك ان هذه  الحملة التي شاركت بها كل الوزارات وجعلت الضيوف الاجانب والعرب يحسدوننا على عاصمتنا ويقول احدهم لي (لم ار بغداد من قبل هكذا ..كل شيء تغير )

انا ايضا لم ار بغدادمن قبل واتمنى ان تبقى هكذا !!

فهذه (الهمة )والتعاون بين جميع الاطراف تحتاج الى ادامة لا ان تعود اكياس النايلون تتطاير بالهواء والحاويات ملأى تتكدس عليها الحشرات ومن حولها اكداس ينبش بها الفقراء 

وان يعود اصحاب المحال  وهم يبثون بضاعتهم على الارصفة ويحتار المرء كيف يمر ..

اقول ان صاحب القرار الذي امر بان تكون بغدادبهذه الاناقة لقادر ان يديمها ..

واقول اذا لم نستفد من القمة 

لماعهدناه عنها من قبل في شأن سياسي او اقتصادي فعلى الاقل ان الذين زارونا لحضور القمة سيقولون كلمة طيبة عن عاصمة المجد والتاريخ والثقافة  

والسلام …والى قمة اخرى

إرسال تعليق

أحدث أقدم