لله في خلقه شؤون. نفط وماء./سعد الزبيدي



كثير ما نتبجح إننا بلد نفطي نصدر ملايين البراميل من النفط كي تستمر عجلة الحياة في الدوران. الكثير لا يعرف حجم برميل النفط الحقيقي البالغ 159لترا وهناك شركات مختصة في التنقيب وهناك عوامل تحدد درجة نقاوة النفط الخام المستخرج وعمقه وصلاحيته فهناك كثير من الٱبار تترك لعدم فائدتها التجارية كونها مكلفة في الاستخراج وللحديث عن النفط العراقي فهو من أجود أنواع النفط والأقل كلفة في الاستخراج وهو مصدر الدخل القومي للحكومات العراقية منذ عقود وللأسف الشديد لم تلتفت الحكومات المتعاقبة والقائمين على هذه الوزارة إلى أهمية الصناعة التحويلية لذلك كان العراق ومازال يصدر برميل النفط بسعر ويعيد استيراده بعشرة أضعاف على أقل تقدير فالعراق يخلو من معامل تحويل النفط إلى المشتقات الأساسية كالوقود (البنزين) المحسن والگاز  وزيوت المحركات وزيت الفرامل وزيوت مبدل السرعة (الگير) ووقود (بنزين) الطائرات وما موجود من منتجات لا يفي بالحاجة وهو رديء ولا يرقى إلى حد منافسة المنتجات المصنعة في دولة كالإمارات مثلا.

وبالرغم من تأميم النفط منذ مايقارب نصف قرن وامتلاك العراق خبرات نفطية لها باع طويل في هذا المجال واسماء معروفة على المستوى العالمي والعربي لكن ظلت هذه الصناعة متخلفة كثيرا ما لتجأ لجولات تراخيص من أجل التنقيب عن النفط واستخراجه التي تمنح لشركات عالمية ومازالت الوزارة تصر على حرق الغاز المصاحب لعملية الاستخراج والذي أصبح أكثر طلبا من النفط في كثير من الدول خاصة أوربا.

المضحك المبكي أن سعر برميل النفط مع كلف استخراجه وتصديره لا يصل إلى سعر برميل الماء!!!

نعم فسعر برميل الماء النقي المعقم المعبأ في قناني بلاستيكية سعة لتر واحد يصل إلى مايقارب 65دولارا غير تابع لمنظمة أوبك ولا الصندوق الفدرالي ولا إلى التجاذبات السياسية والخلافات مابين الدول.

فلو توجهت الحكومة العراقية وأهتمت بهذا المنتج وصدرته لدول الجوار المهددة بالجفاف في السنين القادمة لحصدت أرباحا تفوق واردات النفط وبدل من أن تصاب الحكومات بحالة من الحيرة وتدخل اليأس في نفوس المواطن وتعجز عن دفع رواتب الموظفين لتقدم موازنة البلد على اساس 65دولار قيمة سعر برميل الماء.

لكن للأسف الشديد فالعراق الذي منحه الله نهرين خالدين أصبح يستورد حتى الماء من الكويت وبكميات مهولة ومن هزليات القدر أن الكويت التي لا تمتلك غير ماء البحر المالح والتي كانت تستورد الماء الصالح للشرب من البصرة في منتصف القرن المنصرم بواسطة عربات يدفعها الناس أو سيارات أعدت لهذا الغرض صارت تصدر لنا الماء والعصير والحليب والقشطة بينما أبناء العراق يعانون العطش في أكثر من مدينة وهناك قرى هجرت بعد أن أصابها الجفاف ومازالت البصرة التي تمد العراق بمصدر دخله الأول تعاني من العطش.

فمتى تصحو الحكومات لتستفاد من تجارب الشعوب المجاورة للقضاء على ملوحة الماء والاستفادة من ماء الأنهر وتبني سدود ومشاريع لتزيد من رقعة الأرضي الصالحة للزراعة فالجفاف والأملاح قتلت مئات القرى وصارت تهدد المنتج الزراعي وتحولت كثير من المزارع إلى راضي سكنية لعدم وجود حصة مائية كافية للإرواء.

فهل سنستمر في استيراد الماء من الكويت؟!!!

أخشى أن يأتي يوم نستورد فيه المنتجات الزراعية من الكويت...ولله في خلقه شؤون.

إرسال تعليق

أحدث أقدم