ابيض / اسود الإنجازات الحكومية ...ارقام صماء !!!



مازن صاحب

اقرت حكومة السيد محمد شياع السوداني انها أنجزت (83 %) من البرنامج الحكومي،  لست بصدد مناقشة هذه الأرقام الصماء التي  جاءت في مضمون تقريرها الذي نوقش في جلسة مجلس الوزراء  الأخيرة ، لكن أحاول التذكير ان ابسط معايير قياس الأهداف انما يعتمد في علوم الإدارة  على "الأهداف الذكية "، التي تعرف بكونها أهداف محددة، قابلة للقياس، قابلة للتحقيق، ذات صلة، ومحددة بوقت، تساهم هذه الأهداف في تطبيق السياسات العامة بشكل فعال من خلال توفير إطار واضح وموجه للعمل نحو تحقيق الأهداف المرجوة. 

لعل ابسط مقياس احصائي يمثل نسبة المصروف في موازنة تشغيلية  تتجاوز 80 ترليون دينار سنويا فقط لتسوية مدفوعات الرواتب ومعاشات المتقاعدين  ورواتب الحماية  الاجتماعية ، مقابل معدلات فقر تتجاوز 15 %  تحت خط الفقر ، وهناك رقم متغير غير محدد لما يعرف في  معدلات هشاشة الفقر، يضاف لهم وجود تضخم في معدلات الأسعار وارتفاع الضرائب والرسوم  التشغيلية ، فضلا عن الغرامات المرورية وغيرها في مختلف قطاعات المهن ، ابرزه رسوم امانة العاصمة على المهن والجبايات  المختلفة التي توفر لها أموالا كبيرة غير محددة،وحقائق ان المواطن العراقي يدفع الأجور مرتين ، يشتري ماء " ارو" ويدفع المال لأمانة العاصمة، يدفع أجور المدارس والجامعات الاهلية ، المشافي الاهلية ، المتقاعدون مثلي يصرفون اموالا كبيرة  من رواتبهم على شراء ادوية الامراض المزمنة ومراجعة عيادات الأطباء وما فيها من عدم عدالة وانصاف مجتمعي في الاغلب الاعم .. ناهيك عن معضلة المولدات الكهربائية التي لم ولن تنته!!

  في مقابل نموذج خريجين جامعيين من مختلف الجامعات الاهلية والحكومية بما لا يقل عن مليون خريج سنويا ، يبحثون عن فرص عمل ، يضاف اغلبهم لسوق البطالة، وهذا ما لا يطابق ما ورد في مجال معالجة ظاهرة البطالة وخلق فرص العمل بلغت نسبة تنفيذ المستهدفات (77.9 %)، لذلك ، يبدو ان اليات قياس دعم الفئات الفقيرة والهشة، التي بلغت وفق نسبة إنجاز البرنامج الحكومي (98.7 %)، ربما تتعامل مع واقع غير ما هو كائن فيما هو معروف عن ابسط مقياس لتخفيف معدلات الفقر ، وتقليص فجوة البطالة  والتضخم ، فهل يعني هذا ان القوة الشرائية للدينار العراقي مقابل الدولار  قد ارتفعت بهذا الرقم ام ماذا ؟؟، اكرر الأرقام الصماء بحاجة الى توضيح الواضحات، هذا ينطبق أيضا على ما ورد في  إطار مكافحة الفساد المالي والإداري بلغت نسبة تنفيذ المستهدفات (89.8 %).، وذات السياق لما ورد -في إصلاح القطاعات الاقتصادية والمالية بلغت نسبة إنجاز المستهدفات (79 %).،كذلك في القطاع الخدمي وتطويره وتوفير الخدمات العاجلة بلغت نسبة تنفيذ المستهدفات (76 %).

واي مقاربة يمكن ان تعقد في دروس الصفوف الجامعية الأولية ، ما بين  معايير الأهداف الذكية ، وبين هذه الأرقام ، يمكن ملاحظة تقصيرا واضحا من قبل تلك الجيوش من موظفي مكاتب مستشاري رئاسة الوزراء واللجان في الوزارات ومن بعدها في الأمانة العامة لمجلس الوزراء وصولا الى قراءة مثل هذه الأرقام وأكرر الصماء في جلسة رسمية لمجلس الوزراء  ومناقشتها واصدارها في بيان حكومي، تؤكد ان الكثير من هذه المسميات الإدارية بحاجة للعودة الى مقاعد الدراسة الجامعية وفهم اليا قياس الأهداف الذكية، قبل التورط في اطلاق العنان لتلك الاراقم الصماء فقط للحديث عن إنجازات  حكومية لا غير .

النموذج الثاني، لهذا القياس، يتمثل في استطلاعات الراي العام، ومقياس رضا الناس عن أداء الحكومة بشك حيادي، وهناك مؤسسات رصينة أبرزها جامعية بإمكانها القيام بمثل هذه الاستطلاعات فيما لم يظهر في بيان الانجازات الحكومية ان أي طرف رسمي قد قام به او استعان بطرف ثالث محايد، لاستطلاع اراي الجمهور حول الأداء الحكومي وتبيان الراء العام حول الإنجازات الحكومية.

النموذج الثالث، الذي يبدو انه لم يورد على جميع من كلف بإعداد هذه الاقام عن إنجازات معروف في علوم القياس الإدارية، باسم "هرم ماسلو، يتضمن الاحتياجات الفسيولوجية، والأمان، والحب/الانتماء، والتقدير، وتحقيق الذات، الاحتياجات المعرفية، والجمالية، والتسامي.

اما التطبيقات العملية في مجالات مثل التعليم والرعاية الصحية وإدارة مكان العمل، يساعد إطار ماسلو في تحديد الحواجز التي تعوق التحفيز ويرشد الاستراتيجيات لتلبية الاحتياجات المختلفة.

ما بين كل هذا وذاك، تؤشر هذه الأرقام الصماء عن الإنجازات الحكومية، حالات الإخفاق في تحليل حتى ما هو متوفر من وقائع عن الفعاليات الحكومية، وان من كتب هذا التقرير، بحاجة الى دورة تدريب في فنون التسويق الإدارية والإعلامية، لان القناعة الذهنية تبدأ ليس من ارقام فقط بل من وقائع ملموسة، فهل لمس المواطن تحسنا بالنسب المذكورة في معيشته اليومية ام لا؟؟ ، هذا هو السؤال... ويبقى من القول لله في خلقه شؤون !!

إرسال تعليق

أحدث أقدم