هكذا سلّمتْ تركيا سوريا لاسرائيل !



محمود الهاشمي 

مدير مركز الاتحاد للدراسات الاستراتيجية 

حين تطالع الاعلام التركي وماينقله من بكائيات لكبار المسؤولين -الاتراك وعلى راسهم -

الرئيس (اردوغان)بشأن (غزة)

تعتقد بان القيادة التركية تتفاعل مع اهالي غزة ومأساتهم 

ومايتعرضون له من (ابادة جماعية ) فتتألم لالمهم وتبكي لبكائهم وتنتصر لهم .

لم يعد خافيا ان (التغيير )الذي حدث بسوريا كان بفعل (تركي امريكي اسرائيلي) وارادت تركيا ان تضرب عدة عصافير بحجر واحد،وذلك بارضاء امريكا واسرائيل ودول الخليج بخلع 

بشار الاسد والقضاء على النفوذ الايراني وحزب الله ،وان تستثمر 

ماوقع على حزب الله في لبنان من استهداف قياداته ووقف اطلاق النار مع العدو الصهيوني 

وكانه بداية انحسار النفوذ الايراني بالمنطقة لتمنح نفسها 

مشروع قيادة المنطقة والضامن لكل المصالح ..

سوريا منذ ان تعرضت الى (ربيعها )شهدت تحولات سياسية واجتماعية وعرقية وطائفية ودينية ،وثقافية ،

حيث الهجرة الكبيرة  بحثا عن لقمة العيش لستة ملايين مواطن ولبلدان شتى ،من الشرق الى الغرب ،بالاضافة الى الهجرة الداخلية ونشأة الدويلات والتجزئة وهيمنة الدول الأجنبية على اجزاء كبيرة منها ،واخطرها تلك (الولايات الارهابية ) التي حظيت برعاية تركية وتدريب وتاهيل وتسليح 

وصراعات ومعارك لاتعد ولاتحصى ..

هذا الناتج لمرحلة مابعد (الربيع ) خلط الاوراق على الشعب السوري الذي آذاه الحصار الاقتصادي المفروض 

من دول الغرب والمدعوم خليجيا واسرائيليا وتركيا فباتت لكل فئة ثقافة جديدة ،فيها تنافر مع الاخر وفقدان التجانس 

وحين حدث التغيير العسكري 

وابدل بشار بابي محمد الجولاني كانت الصدمة اكبر 

ف(الجولاني)شخصية معرفة 

ب(الارهاب)لدى كل الاوساط بما في ذلك لدى تركيا عام ٢٠١٩.

وفي اول تصريح للجولاني بعد استلامه السلطة اكد على اربع ثوابت في ادارة الدولة (لسنا في وارد حرب مع اسرائيل ..جئنا للقضاء على النفوذ الايراني ..جئنا للقضاء على حزب الله …لسنا امة لطم وبكاء)

هذه الشعارات بعيدة عن هموم المواطن السوري المتعب وبعيدة عن مشروع البناء والاعمار والاستفادة من ثروات البلد ،فكانت ردة فعل هذه الشعارات ؛-

١-الخلاف مع دولة بحجم ايران لها عمق جماهيري بالداخل السوري ولها تاثير على منطقة الشرق الاوسط .

٢-الخلاف مع دولة جارة مثل لبنان تتداخل فيها المصالح والعلاقات والتاريخ والاقتصاد 

والحدود خاصة وان انصار حزب الله يتواجدون في الجنوب اللبناني المحاذي لسوريا .

٣-الخلاف مع دولة جارة  اخرى (العراق )باعتبار ان الغالبية من الشعب العراقي 

هم (امة لطم وبكاء)وان الرسالة استلمت وهم اصحاب  القرار بالعراق ولهم علاقات عريقة مع سوريا والبلدان  في تواصل باصعب الظروف ولهما حدود مشتركة طويلة ..

٤-ثقافة الشعب العربي عموما والشعب السوري خصوصا مع نصرة القضية الفلسطينية ويرون باسرائيل عدوا وغاصبا لارض فلسطين ولجزء من ارضهم ايضا ،وان فتح الطريق  للجيش الصهيوني ان يدمر اسلحة الجيش السوري 

وان يسرح ويمرح بارض سوريا 

ازعج السوريين كثيرا ..

٥-الاعلان عن الهوية الطائفية 

للادارة  الجديدة بانهم يمثلون 

(طائفة السنة )صنع ازمة في 

بلد يحتاج الى الالفة والتفاهم 

بدلا من الصراع الطائفي الذي لايجلب سوى الخراب للشعوب 

وسوريا فيها تنوع يجب مراعاته.

٦-جلب شخصيات وتنظيمات ارهابية سواء اجانب او عرب والحاقهم بدوائر الدولة بارديتهم (الافغانية)المقرونة بالقتل والارهاب باتوا مصدر قلق وخوف لدى جميع الاوساط 

وتحولوا الى قتلة ومبتزين ومثيري فتن ..


تركيا التي تباهت ب(التغيير )في سوريا والذي تفاخر وزير خارجيتها (فيدان خاقان )بانه صانعه معبرا عن زهوه حين جلس الى جوار (ابو محمد الجولاني)صباح (التغيير )في سيارة خاصة ودارا شوارع دمشق باتت في موقف حرج 

وللاسباب الاتية ؛-

١-ان التغيير في سوريا حدث قبل (٢٠)يوما من استلام الرئاسة من قبل (ترامب)الذي لم يتفاعل مع التغيير وقال (هذه ليست حربنا) وعاجل بسحب اغلب القوات الاميركية من سوريا وترك المنطقة (سائبة)


٢-لم تستطع  حكومة الجولاني 

ان تحل مشكلة الاكراد (قسد )

ومازالوا يرابطون في مواقعهم 

وايديهم على السلاح .

٣-استهدفت حكومة الجولاني 

الطائفة العلوية والشيعية بشكل عام مما ازعج العلويين 

بتركيا والشيعة كذلك وعبروا عن ذلك مرارا وهذا ينعكس على موقفهم بالانتخابات الرئاسية المقبلة .

٤-حمّل الشعب الفلسطيني ومناصرو القضية الفلسطينية وجمهور المقاومة 

بتركيا الرئيس اردوغان مسؤولية ضياع سوريا وأضعاف اسناد المقاومة وتفرد اسرائيل باهالي غزة ومواصلة ابادتهم بشكل اوسع ..

٥-حملت ايران تركيا مسؤولية احداث سوريا وفقدان احد مراكز نفوذها بالضغط على اسرائيل واسناد المقاومة 

وحتما سيؤثر ذلك على الدعم السابق لايران لحزب العدالة والتنمية (الاسلامي ) في الانتخابات في مواجهة احزاب المعارضة (العلمانية )ومزاجها الغربي.

     ٦-دخلت تركيا في ملفات معقدة مع اسرائيل بعد التغيير بسوريا حيث ان اسرائيل لاتكترث ولاتهتم لتركيا باعتبارها وراء التغيير بسوريا انما تعمل وفق مخططاتها واجنداتها بالملف السوري فتحتل اراضي جديدة وتعمل على تجزئة المجتمع السوري وتدعم (قسد).

٧-تركيا الان في حالة من (الشده)بالملف السوري حيث 

لايكفي ان تكون هي ودولة قطر 

من يصنع مستقبل سوريا فاغلب دول الخليج لها توجهات مختلفة .

٨-ان دعوة امريكا للحكومة السورية الجديدة (رفع  العقوبات مقابل التطبيع )مع الصهاينة يعد مشكلة لتركيا  حيث سيحملها

الشعب السوري هذه المسؤولية باكراههم على علاقة مع الصهاينة طالما نفروها وثقفوا ضدها 

وكذلك يحملها العالم ذات المسؤولية بانها كافأت الصهاينة على جرائمهم بغزة

بدولة جوار  لاسرائيل ضعيفة ومجردة السلاح و(مطبعة)

وطاردة للمقاومة .

٩-بعد الهجوم الصهيوني على ايران والرد الشجاع الايراني سواء على الاراضي المحتلة 

او قاعدة العديد الاميركية بقطر 

تيقن العالم بان ايران تقاتل عن اهالي غزة وتنتصر للقضية الفلسطينية فيما تركيا بلا (هوية )

كثير من الكتاب باتوا يتوقعون حربا بين اسرائيل وتركيا 

وذلك صعب وقوعه لاسباب يطول ذكرها ..

إرسال تعليق

أحدث أقدم