|إيــــاد الإمــــارة|
منذ فجر الوعي الوطني والديني، ظل الشعب العراقي وفيّـاً لمرجعيته الدينية، ملتفّـاً حولها في السراء والضراء، يرى فيها صوته الحقيقي وقيادته الشرعية، فلا يضل ولا يُـستذل، ولا يُـقاد إلا بحكمة من يحمل العلم والتقوى والبصيرة.
ولعل أبرز المحطات التي تُـجسِّـد هذا الارتباط العميق تبدأ من ثورة العشرين الخالدة، وتمر بفتوى الجهاد الكفائي، وتستمر اليوم بالولاء للإمام الخامنئي دام ظله، امتداداً لنهج أهل البيت (عليهم السلام).
*ثورة العشرين: المرجعية تُـشعل شعلة التحرر*
في العام (١٩٢٠) وفي شهر حزيران تحديداً، عندما حاول الاحتلال البريطاني فرض إرادته على العراق، كان صوت المرجعية الدينية المُـباركة في النجف الأشرف هو الرائد في تعبئة الجماهير للثورة.
أصدر علماء الدين وعلى رأسهم المرجع الميرزا محمد تقي الشيرازي (رضوان الله عليه) فتاوى واضحة بحرمة التعاون مع الاحتلال والدعوة إلى مقاومته.
وكان الشعب العراقي على الموعد، فهبّ بمختلف مكوناته وفئاته استجابة لنداء المرجعية، مقدّماً الشهداء في سبيل التحرر من الاستعمار.
كانت ثورة العشرين أول دليل حي على أن الشعب العراقي لا يتحرك إلا بإشارة من مرجعيته، ولا يثق إلا بمن يسير على نهج أهل البيت (عليهم السلام).
*فتوى الجهاد الكفائي: المرجعية تنقذ العراق من الضياع*
وفي العام (٢٠١٤) وبتوقيت مشابه، وبينما كانت عصابات “داعش” الإرهابية التكفيرية تجتاح ثلث العراق وتوشك على التهام دولته، تصدّت المرجعية العليا المتمثلة بسماحة الإمام السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف) للموقف، لتُـطلق فتوى الجهاد الكفائي التي غيّـرت وجه العراق.
لم تكن فتوى تقليدية، بل كانت نداء تاريخياً أيقظ روح المقاومة والفداء في أبناء الشعب، فانطلق مئات الآلاف من الرجال للدفاع عن الأرض والعرض والمقدسات، لتولد بذلك ملحمة
“الحشد الشعبي”،
التي أثبتت أن الشعب لا يزال على العهد، وأن المرجعية هي الحصن الحصين للأمة في لحظات التهديد المصيري.
*الإمام الخامنئي: المرجعية التي تتجاوز الحدود*
وإذا كانت المرجعية العليا المُـباركة في النجف الأشرف تمثّل صمّام أمان الداخل العراقي، فإن المرجعية السياسية العليا المتمثلة بسماحة الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) تمثل الامتداد العالمي للمشروع الإسلامي المقاوم، الذي يشمل العراق وكل محور المستضعفين.
الشعب العراقي، وخاصة أبناءه المؤمنين الواعدين، يرون في الإمام الخامنئي تجسيداً لقيادة الإمام الحجة (عج)، ولنهج الإمام الخميني (قده)، ولروح الإسلام المحمدي الأصيل، ولهذا فهم لا يرونه مرجعاً للتقليد فقط، بل إماماً شرعياً وقائداً إسلامياً عالمياً تجب نصرته واتباعه.
لقد التف العراقيون حول الإمام الخامنئي حين كانت أمريكا تخطط لعزل إيران، فخرجوا بملايينهم يهتفون باسمه.
وها هم اليوم، في قلب المعركة بين الجمهورية الإسلامية والكيان الصهيوني الإرهابي، يرون في نصرته تكليفاً شرعياً وأخلاقياً.
*المرجعية الدينية المُـباركة ضمانة الوجود والسيادة*
التحام الشعب العراقي بالمرجعية لم يكن يوماً حالة طارئة أو ظرفية، بل هو خيار ووعي وهوية.
من الميرزا الشيرازي إلى الإمام السيد السيستاني، ومن فتاوى الدفاع إلى قيادة الولي الفقيه الإمام الخامنئي، تظل المرجعية الراية التي لا تُـنكس، والبوصلة التي لا تضل، والركن الذي تأوي إليه الأمة حين تشتد الخطوب.
إنها علاقة قائمة على الإيمان والتكليف، لا على المصالح والانفعالات، وسيبقى العراق ما دام وفيّـاً لمرجعيته، عصيّـاً على الانكسار، حاضراً في كل معركة للحق، واقفاً في صف الإمام الحسين (عليه السلام) وأحفاده من مراجع الإسلام وقادته.