نعمت عباس
تعيش الكرة العراقية اليوم واحدة من أسوأ مراحلها، ليس بسبب قلة المواهب أو ضعف الإمكانات، بل بفعل الإدارة المرتبكة، والخلافات الداخلية، والتدخلات الخارجية التي عطلت عجلة التطوير، ودفعت بالكفاءات نحو الهجرة أو التهميش.
الراحل مؤيد البدري، أحد أبرز الأسماء في تاريخ الرياضة العراقية، تولى رئاسة اتحاد الكرة أكثر من مرة، كما شغل أمانة اللجنة الأولمبية، ونال عضوية الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، وهو المنصب الذي وصفه الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان بأنه أكثر تأثيراً ونفوذاً من الأمم المتحدة نفسها.
الدكتور حميد حمد السعدون ذكر في كتابه رجال وتاريخ، أن البدري كان قادراً على قيادة الاتحاد الآسيوي، لو وجد أدنى دعم من محيطه الوطني. لكن النجاحات التي حققها قوبلت بحملات تشويه منظمة، بدلاً من الاحتفاء، فوضعت العراقيل في طريقه حتى غادر الساحة بخسارة كبيرة للكرة العراقية.
الواقع نفسه تكرر مع أسماء لامعة أخرى، مثل الشاعر مظفر النواب، والأديب محمد مهدي الجواهري، الذي عبّر بدقة عن حجم الإحباط في قصيدته الشهيرة قائلاً: “يا دجلة الخير قد هانت مطامحنا… حتى لأدنى طِماحٍ غير مضمون.”
واليوم، تعيش الكرة العراقية ذات الانكسار. المدرب الحالي للمنتخب لا يواكب متطلبات المرحلة، وتشكيلته تفتقر للثبات، بينما لاعبون يستحقون التواجد خارج الحسابات، وآخرون بلا أداء يظهرون في التشكيلة الأساسية. تغييرات مفاجئة، قرارات غير فنية، وتخبط مستمر، كل ذلك ساهم في تراجع أداء المنتخب، لدرجة أن الوصول إلى الملحق بات محل شك.
اتحاد الكرة تأخر كثيراً في حسم قراره الفني، وحتى هذه اللحظة لا يوجد بديل واضح، وسط جدل متصاعد حول هوية المدرب القادم: أجنبي يمتلك الخبرة، أم محلي يعرف تفاصيل اللاعبين؟ في وقتٍ لا يتبقى سوى مباراتين حاسمتين، والخصوم يستعدون، بينما العراق ينتظر القرار.
التدخلات من أطراف خارجية، سواء أفراداً أو مؤسسات، عطلت عمل الاتحاد، وشكّلت ما يشبه “الطابور الخامس” الذي يقف عائقاً أمام أي مشروع إصلاح حقيقي. ومع كل خطوة للأمام، تأتي عراقيل تُعيد كل شيء إلى نقطة الصفر.
همسة وطن: العراق لا ينقصه الكفاءات، بل المناخ الآمن للعمل. أسماء مثل الدكتور جمال صالح، الدكتور موفق مجيد المولى، الدكتور كاظم الربيعي، والكباتن راضي شنيشل، حكيم شاكر، وباسم قاسم، يمكن أن تشكل نواة حقيقية لطاقم فني وطني–دولي، يضع المنتخب على المسار الصحيح، إذا ما تم منحه الثقة، والابتعاد عن التدخلات.
الوقت لا ينتظر. والعمل من أجل الوطن ليس خياراً، بل واجب