كتب / جعفر العلوجي
الميثاق الأولمبي ليس وجهة نظر ولا نصا يفصل على مقاس أشخاص أو مصالح ضيقة بل هو دستور عالمي للرياضة ومرجعية عليا لا يملك أحد الحق في تأويلها أو الالتفاف عليها ومنذ أن أقر المجتمع الدولي به وثبّتته قرارات الأمم المتحدة بات التزامًا ملزما لكل دولة عضو لا مجال فيه للمساومات أو الاجتهادات المزاجية .
اللجنة الأولمبية الدولية ومقرها في لوزان تضم 206 لجان وطنية ويقودها مكتب تنفيذي منتخب وتنبثق عنها لجان متخصصة تشرف على أدق تفاصيل الحركة الأولمبية عالميًا منظومة بهذا الحجم والرصانة لا يمكن أن تختزل برؤية فردية أو قانون محلي يُكتب على عجل لتلبية نزوات بعض الأطراف .
ورغم وضوح الميثاق ما زلنا في العراق ندور في حلقة الجدل العقيم حول مسودة "قانون الرياضة الموحد" التي اعترضت عليها اللجنة الأولمبية الدولية لعدم توافقها مع مبادئ الميثاق والأنظمة الدولية ومع ذلك هناك من يصر على تمريرها كما هي وكأن الرياضة العراقية حقل تجارب أو ملكية خاصة يُفصل قانونها على مقاس أشخاص بعينهم!
هذا الإصرار لا يعكس فقط سوء فهم بل يمثل تعمدا لخرق التزاماتنا الدولية وتعريض سمعة العراق الرياضية للإحراج أمام العالم أي جدوى لقانون يقيد عمل المنظمات الرياضية ويصادر استقلاليتها؟ وأي منطق يقبل أن يُكتب قانون الرياضة بروح الوصاية لا بروح الميثاق؟
لقد سبق أن ناقشت اللجنة الأولمبية الوطنية عام 2023 هذه الإشكالات مع لجنة كتابة القانون وقدمت ملاحظات جوهرية لكن يبدو أن البعض لا يزال يعيش بعقلية "إخضاع المنظومة للقانون المحلي" بدلًا من "مواءمة القانون مع المنظومة الدولية" وهنا مكمن الخلل بل الخطيئة .
الواقع أن الطريق واضح ولا يحتمل الالتفاف إما أن نكون جزءًا من الحركة الأولمبية باحترام ميثاقها أو نظل خارجها بعقلية القوانين المترهلة والمصالح الضيقة ، التعديل ليس مستحيلًا بل واجبًا والالتزام بالميثاق ليس خيارا بل فرضا أما الإصرار على تمرير قانون مشوه فهو ببساطة لعب بالنار في ملف دولي لا يحتمل الهواية ولا التسويف .