نعمت عباس
لا تزال الكفاءات العراقية المهاجرة تمثل خسارة كبيرة للوطن، لا سيما في مجال التدريب الرياضي، حيث تركت هذه العقول بصمات واضحة داخل العراق وخارجه، وما زال العديد منها يتطلع للعودة والمساهمة من جديد في خدمة الكرة العراقية.
ومن بين أبرز هذه الأسماء، يبرز الدكتور جمال صالح والدكتور سعد جميل، وهما من الأعلام البارزين في مجال التدريب الرياضي، وقد شرفا الكرة العراقية بإنجازات لا تُنسى عندما أشرفا على تدريب المنتخب الوطني فضلًا عن قيادتهما لعدد من الأندية المحلية، حيث سُجلت باسميهما نجاحات باهرة لا تزال محفورة في ذاكرة الكرة العراقية.
الدكتور جمال صالح، الذي عمل في دولة الإمارات العربية المتحدة كمشرف فني لنادي الشارقة، ترك إرثًا كبيرًا، حيث أسهم بعقليته التدريبية المستنيرة في إعداد جيل من اللاعبين والمدربين المميزين، الذين تولوا لاحقًا قيادة المنتخبات الإماراتية والأندية المحترفة، ومن بينهم جمعة ربيع، عبد الرحمن الحداد، وعبد العزيز العنبري. وقد شهدت فترة إشرافه بروز مواهب كبيرة تم ضمها إلى المنتخبات الوطنية الإماراتية.
أما في العراق، فقد أشرف صالح على تدريب المنتخب الوطني، ومنتخب الشباب، وفرق مثل الطلبة والرشيد، محققًا العديد من المكاسب التي أغنت الكرة العراقية.
من جهته، يحظى الدكتور سعد جميل بتقدير خاص، حيث نقل الكابتن نعيم صدام في إحدى زياراته للإمارات رغبته في التواصل مع الدكتور سعد لشكره على مساهمته الكبيرة في إعداد منتخب الشباب العراقي بطل آسيا، الذي شارك في نهائيات كأس العالم 1989. وعبّر صدام عن امتنانه لما قدمه الدكتور سعد في مجال اللياقة البدنية، مؤكدًا أن التحضيرات البدنية التي أشرف عليها ساعدت اللاعبين في تنفيذ أفكار المدرب الراحل أنور جسام، والكابتن حازم جسام وعادل يوسف، ومكنتهم من مقارعة المنتخبات العالمية.
إن مثل هذه الشهادات من نجوم الكرة العراقية تعزز الدعوة إلى الاستفادة من كفاءاتنا الوطنية، لا سيما في ظل وجود مدربين شباب مثل عماد محمد وأحمد صلاح، الذين ما زالوا في بداية مشوارهم، ويحتاجون إلى دعم علمي وأكاديمي لتطوير قدراتهم التدريبية.
ولعل ما صرّح به الكابتن زين الدين زيدان عندما كان مدربًا لريال مدريد، في مؤتمر دبي الرياضي الدولي، بأن “المدرب الأول يحتاج إلى عشرة مساعدين من ذوي الاختصاص”، يؤكد أهمية توزيع المهام التدريبية في زمن الذكاء الاصطناعي وتعدد التخصصات.
وبناءً على ذلك، فإن الدعوة موجهة إلى الاتحاد العراقي لكرة القدم لتبني مقترح عودة الدكتور جمال صالح والدكتور سعد جميل، وتكليفهما بالإشراف الفني على المنتخبات الوطنية، دعماً للمدربين الجدد، وتطويرًا لأساليب التدريب الوطنية. فكما استعان الكابتن راضي شنيشل من قبل بخبرات الكباتن يحيى علوان، نزار أشرف، وعبد الأمير ناجي، فإن الاستفادة من ذوي الخبرة يجب أن تتحول إلى نهج دائم.
ولضمان نجاح المسيرة، يجب إبعاد المدرب عن اختيار طاقمه الفني على أسس شخصية، وتشكيل لجان فنية متخصصة لاختيار المدربين ومساعديهم، وفق معايير علمية وفنية دقيقة، بعيدًا عن المحسوبية والاعتبارات غير المهنية.
ساحتنا الرياضية غنية بالكفاءات، وما ينقصنا هو تفعيلها وتقديرها بالشكل الصحيح. فهل آن الأوان لأن نعيد النظر في ملفاتنا التدريبية بعقلانية، ونسلك درب التطوير الحقيقي
